مخاطر تتهدد حكومة الإسلاميين بالمغرب



يرى محللون سياسيون أن الائتلاف الحكومي الحالي بزعامة الإسلاميين في المغرب، والذي فرضه ربيع الثورات العربي، سيكون مصيره التصدع لا محالة لأنه ولد "غير متجانس" منذ البداية.
ويشهد الائتلاف الحكومي الذي يقوده حزب العدالة والتنمية  الإسلامي بالإضافة إلى حزب الحلركة الشعبية (يمين) وحزب الاستقلال (وسط) وحزب التقدم والاشتراكية (يسار) صراعات قوية تهدد بانهياره.
فما إن هدأ توتر حاد نشب بين حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة الشعبية بسبب بيان سابق لوزير الداخلية امحند العنصر ضد البرلماني الإسلامي عبد العزيز أفتاتي وأغضب حينها رئيس الحكومة عبد الاله بنكيران، جاء الأمين العام الجديد لحزب الاستقلال حميد شباط ليخلط أوراق الأغلبية من جديد.
فشباط وبمجرد انتخابه على رأس حزب الاستقلال جعل من أولى أولياته المطالبة بتعديل حكومي، وبدأ يوجه انتقادات قاسية لبعض أعضاء الحكومة، كان آخرها اتهام وزير تقدمي في برنامج تلفزيوني بـ"الفساد".
وأمام تزايد خطر الانشقاق داخل الحكومة، اجتمعت أحزاب الأغلبية مساء الأحد الماضي للتهدئة وتصفية أجواء الاحتقان المتصاعد الذي بدأ يهدد بشكل جدي تماسك الحكومة التي ستطفئ شمعتها الأولى بداية العام المقبل.
ائتلاف هش
ويقول رئيس المركز المغربي للدراسات الإستراتيجية طارق أتلاتي للجزيرة نت إن الائتلاف الحالي "هش منذ لحظة ميلاده"، لأنه لم يأخذ بعين الاعتبار "التماسك المرجعي" لأطرافه، في إشارة إلى تشكيله من خليط أيديولوجي يشمل الإسلاميين واليمين واليسار.
ويرى أن كل المؤشرات تسير في اتجاه تفكيك التحالف الحكومي، لأن حزب الاستقلال كان منذ البداية يبدي انتماء غير واضح للأغلبية من خلال مشاركته في الحكومة من جهة وممارسة نوابه للمعارضة داخل البرلمان من جهة أخرى.


أما الباحث في العلوم السياسية بالرباط عبد الرحيم منار السليمي فيرى أن الأمر ليس له علاقة بالأيديولوجيا، وإنما بوجود حالة من "العصبية السياسية" يعيشها المشهد السياسي بالمغرب تكاد تجمع على معاداة حزب العدالة والتنمية الإسلامي.
وحسب الباحث، فإن الأمر الرئيسي الذي يمكن أن يقود إلى انفراط العقد الحكومي هو الإحساس المستمر لباقي مكونات الأغلبية الحكومية أنهم مجرد "أرانب سباق سياسي" يخوضه الإسلاميون ويستفيدون منه سياسيا.
سيناريوهات محتملة
ويعتبر السليمي أن تعديلا حكوميا بات واردا أمام الضغوط التي يمارسها الأمين العام لحزب الاستقلال على حكومة عبد الإله بنكيران، مما يطرح سيناريوهات عديدة منها إجراء تعديل حكومي يتيح لحميد شباط إمكانية تغيير طاقمه الوزاري الحالي وربما يمنحه مقاعد وزارية جديدة.
ولا يستبعد أستاذ العلوم السياسية بمدينة الرباط إمكانية تأسيس حكومة شبه وحدة وطنية تدخل حزبين جديدين إلى الائتلاف القائم هما الاتحاد الاشتراكي والتجمع الوطني للأحرار، وإبقاء حزب الأصالة والمعاصرة في وضعية "حزب المعارضة الوحيد".
بدوره، يرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحسن الثاني بالمحمدية طارق أتلاتي أن أقرب حل إلى الواقع هو إعادة النظر بعدد المقاعد الوزارية لحزب الاستقلال، الذي يتوفر على ست مقاعد داخل الحكومة، وتمكينه من حقيبة وزارية جديدة ستكون على حساب حزب التقدم والاشتراكية، مما قد يدفع هذا الأخير إلى الالتحاق بسرب المعارضة.
مخاطر محتملة
وحول سؤال للجزيرة نت عن المخاطر التي قد تلحق بالنظام السياسي المغربي من جراء إسقاط حكومة الإسلاميين، أجاب طارق أتلاتي أنه لا خشية من ذلك، لأن السيناريو المطروح في الساحة يتجه نحو إيجاد تكتل جديد يمكن له أن يعوض الحكومة الحالية.
أما منار السليمي فيعتبر أن خطوات الأمين العام لحزب الاستقلال وشركائه في المعارضة الساعية إلى إسقاط الحكومة هي "خطوات انفعالية غير محسوبة وليس لها دراية بهشاشة التوازنات التي ما زال يعيشها المغرب"، وبالتالي فإن إسقاط الحكومة التي يتزعمها حزب العدالة والتنمية سيقود إلى تحويل هذا الحزب إلى "ضحية سياسية"، مما يقوي من شعبيته ويمنحه مشروعية أكبر من خلال ظهوره بمظهر "الحزب المظلوم".
كما يرى الباحث أن تفكيك الائتلاف الحالي من شأنه إعادة المظاهرات إلى الشارع، وإثارة شهية تيارات إسلامية ما زالت في قاعة الانتظار تراقب الوضع عن كثب، في إشارة إلى جماعة العدل والإحسان، التي ترفض المشاركة في مؤسسات الدولة، وتريد تغييرا جذريا للأوضاع القائمة.
وتأتي هذه التطورات التي تشهدها الساحة السياسية المغربية متزامنة مع ما يحدث في مصر وتونس، وقد توحي إلى البعض بأن هناك محاولات للانقلاب على ثورات الربيع العربي.

تعليقات

المشاركات الشائعة